أثر الأطفال على العلاقة بين الزوجين

عندما يأتي الطفل الأول إلى الحياة الزوجية، لا يأتي وحده. بل يصطحب معه موجة من التغيرات التي تطال كل شيء: الوقت، العادات، المشاعر، وحتى نظرة كل طرف للآخر. يقال إن الأطفال يملؤون البيت سعادة، وهذا صحيح، لكنهم أيضًا يكشفون ما كان مختبئًا، ويضعون العلاقة تحت عدسة مكبرة، تجعل التفاصيل الصغيرة تبدو أضخم بكثير.

في لحظة ما، يتحول الزوج من حبيب إلى أب، والزوجة من عشيقة إلى أم. والعبور من هذا الدور إلى ذاك لا يكون دائمًا سلسًا. فالمشاعر تتزاحم، والمسؤوليات تتضاعف، ويبدأ كل طرف بالشعور وكأن هناك “شيئًا ما” فُقد في الطريق. ربما الحميمية، أو الوقت المشترك، أو حتى الإحساس بأنهما ما زالا أولويتين في حياة بعضهما البعض.

لا أحد يُعلِّمنا كيف نتعامل مع هذا التحول. فنحن نتعلم كيف نُربِّي، لكن لا أحد يعلِّمنا كيف نُحب ونحن نربِّي. كيف نحافظ على الرابط العاطفي ونحن مرهقون، كيف نتحدث عن أنفسنا ونحن محاطون بالصراخ، كيف نتذكّر أننا لسنا فقط أبًا وأمًا، بل ما زلنا “نحن” في عمق كل هذه الفوضى.

الأطفال لا يفسدون العلاقة، لكنهم يختبرونها. يدفعونها نحو حدودها القصوى، ليظهر إن كانت مبنية على الصلابة أم على هشاشة المشاعر المؤقتة. هم مرآة غير متسامحة، تعكس مقدار التفاهم الحقيقي، والنية الصادقة للاستمرار رغم التعب.

لكي نحافظ على العلاقة في ظل وجود الأطفال، لا بد من وعي مضاعف. وعي بأن الحب يحتاج إلى وقت، حتى لو كان دقائق. وعي بأن العطاء لا يجب أن يكون كله موجهًا للأطفال، بل لا بد أن يظل جزء منه محفوظًا للشريك. وعي بأننا حين نعتني بالعلاقة، فإننا نمنح أطفالنا نموذجًا حيًا لما يجب أن يكون عليه الحب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *