كيف تعرف أنك تعاني من قلق مزمن؟

القلق جزء طبيعي من الحياة، مثل رد فعل داخلي يُنبّهنا حين نواجه موقفًا جديدًا أو خطرًا محتملاً. لكن حين يتحول القلق من حالة مؤقتة إلى رفيق دائم، يصبح الأمر مختلفًا. يصبح هناك صوت داخلي لا يصمت، إحساس دائم بأن هناك شيئًا خاطئًا، رغم أن كل شيء يبدو عاديًا… وهنا تبدأ معاناة القلق المزمن.

القلق المزمن لا يصرخ، بل يهمس طوال اليوم. يظهر في أبسط التفاصيل: في صعوبة اتخاذ قرار صغير، في شعورك بأنك دائمًا تحت التهديد، في تسارع دقات القلب بلا سبب واضح، أو في نوم متقطع يوقظك فجأة وكأنك نسيت شيئًا مهمًا. هو قلق لا يرتبط بموقف معين، بل يعيش فيك… وكأن جسدك لا يعرف كيف يهدأ.

تبدأ تلاحظ أنك دائم التفكير الزائد: في الماضي الذي لا يمكنك تغييره، وفي المستقبل الذي لم يحدث بعد. تشعر بتعب دائم، ليس جسديًا فقط، بل ذهنيًا وعاطفيًا. وتفقد قدرتك على الاستمتاع، لأن هناك دومًا فكرة تُقلقك في الخلفية، تمنعك من الاندماج الكامل في اللحظة.

القلق المزمن أيضًا يؤثر على علاقاتك. تبدأ في توقع الأسوأ، في تفسير صمت الآخرين كإهانة، أو تجاهلهم كرفض. تصبح حساسًا لأي تغير، وتشعر بالحاجة الدائمة إلى طمأنة، حتى من أقرب الناس إليك.

أن تعاني من قلق مزمن لا يعني أنك ضعيف، بل يعني أن جهازك العصبي عالق في وضع الاستعداد. وهذا أمر يحتاج رعاية لا إنكارًا. يحتاج منك أن تكون صادقًا مع نفسك، وأن تعترف أن الحياة أصبحت ثقيلة جدًا… وتحتاج إلى خفة نابعة من فهم، لا من تجاهل.

لا تنتظر أن ينهار كل شيء لتبدأ في الإصغاء لذلك الصوت بداخلك. لأن الاعتراف بالقلق هو أول خطوة نحو التحرر منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *