كيف تتعامل مع الشريك الغاضب؟

في لحظات الغضب، لا يعود الإنسان هو ذاته. يتكلم بلسان لا يشبهه، وتصير مشاعره أشبه بعاصفة لا تعرف اتجاهًا. والغضب بين الزوجين تحديدًا ليس مجرد انفعال عابر، بل اختبار حقيقي لنضج العلاقة، ولمدى قدرة كل طرف على احتواء الآخر في لحظاته الأضعف.

أن ترى من تحب غاضبًا، لا يعني بالضرورة أنك السبب، لكنه يعني أنك الآن في موقف لا يُنتظر منك فيه الرد، بل الاحتواء. الغضب في جوهره ليس دائمًا عدوانًا، بل قد يكون صرخة ألم، أو تعبيرًا متوترًا عن خوف، أو رغبة غير محققة لم تجد كلماتها المناسبة. وهنا تظهر الحكمة الحقيقية في التعامل: أن تفهم المعنى وراء الصوت المرتفع، لا أن تنشغل بنبرته.

أسوأ ما يمكن فعله مع شريك غاضب، هو الدخول في سباق من يصرخ أعلى. لأن الغضب حين يُقابَل بالغضب، يتحول إلى وقود لحريق لا يُطفأ بسهولة. لكن حين يُقابَل بصبر، وبنظرة فيها تفهم أكثر من حكم، يبدأ تدريجيًا في الانطفاء. أحيانًا، كلمة واحدة هادئة، أو حتى صمت مليء بالنية الطيبة، يكون أقوى من عشرين حجة منطقية.

لا يعني ذلك أن تبتلع الإهانة، أو أن تتنازل عن كرامتك، بل يعني أن تختار التوقيت المناسب للرد. أن تُرجئ المواجهة إلى أن يعود الصفاء، ثم تعود إلى ما قيل وما حدث، لا من باب العتاب، بل من باب إعادة الفهم والتصحيح. فالشريك الحقيقي لا يستغل لحظات غضب الآخر، بل يحميه منها، ثم يساعده على فهمها لاحقًا.

التعامل مع الشريك الغاضب ليس مهمة سهلة، لكنه فن يعلّمنا كيف نحب بنضج، وكيف نثبت أن العلاقة ليست فقط للضحك والدفء، بل أيضًا لساعات الاضطراب والشرر. ومن يُجيد الحضور في لحظة الغضب، يُجيد البقاء في كل اللحظات التي تليها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *