أن تنتمي إلى عائلة لا يعني دائمًا أن تجد فيها السند. ففي كثير من البيوت، يسكن الحب والضغط في الوقت نفسه، وتختلط المشاعر بين الواجب والانتماء، وبين الرغبة في القرب والحاجة إلى المسافة. فماذا نفعل حين يكون من نعيش معهم، أو نُفترض أننا نحبهم، هم أنفسهم مصدرًا دائمًا للتوتر؟
التعامل مع أفراد العائلة الصعبين يتطلب أولًا الاعتراف بالألم دون إنكار. ليس من السهل أن نقول: “هذا الشخص يؤذيني”، حين يكون أبًا أو أمًا أو أخًا أو أختًا. لكن الحقيقة لا تتغير لمجرد أن الروابط الدمَوية تحاول أن تُغلفها بالقداسة. الألم لا يصبح أقل قسوة لأنه جاء من قريب… بل أحيانًا يكون أعمق.
الخطوة الثانية هي رسم الحدود. وهذا لا يعني القطيعة، بل الوضوح. أن تقول: “أنا أحبك، لكن لا أسمح لك أن تُقلل من شأني”، أو “سأتحدث معك لاحقًا حين تهدأ”، أو ببساطة: “أنا أحتاج إلى بعض المسافة الآن”. الحدود ليست عقوبة، بل حماية للطرفين. لأن من دونها، يتحول الحب إلى استنزاف، والقرابة إلى عبء لا يُحتمل.
ثم يأتي الوعي بأنك لست مسؤولًا عن إصلاح الجميع. أحيانًا، نقع في وهم أننا قادرون على تغيير من حولنا، وأن الصبر وحده سيُهذّب من لا يحترمنا. لكن الحقيقة أن التغيير لا يحدث إلا من الداخل. دورك هو أن تحمي نفسك، لا أن تُعيد تشكيل من لا يريد أن يتغير.
وأخيرًا، تذكّر أن الصعوبة لا تعني الكراهية، والمسافة لا تعني القسوة. يمكننا أن نحب أهلنا دون أن نُسلّم لهم مفاتيح أعصابنا. أن نزورهم دون أن نسكن معهم نفسيًا. أن نحترمهم دون أن نُلغي أنفسنا. فالعيش مع العائلة الصعبة يحتاج إلى فن: فن البقاء قريبًا بما يكفي للحب، وبعيدًا بما يكفي للسلام.