العلاج ليس دائمًا جلسة في عيادة، ولا يبدأ بالضرورة بوصفة دوائية. أحيانًا، يبدأ بشيء أبسط… وأعمق: بأن تجلس مع نفسك، بصدق، وتقول: “أنا متعب”. في هذه الجملة وحدها، بداية تحوّل. لأنك حين تعترف بأنك لست بخير، تكون قد كسرت أول جدار: جدار الإنكار.
العلاج الذاتي لا يعني أن تعالج كل شيء وحدك، بل أن تبدأ من حيث أنت. أن تتوقّف عن محاربة نفسك، وتبدأ بالاستماع لها. أن تُلاحظ: متى يرتفع قلقك؟ ما الذي يُطفئك؟ من الأشخاص أو المواقف التي تستنزفك؟ لا يمكن أن تُغيّر شيئًا لا تراه. والرؤية هي أول أدوات الشفاء.
ثم يأتي الفعل البسيط: الروتين. لا تستهِن بقوة الأفعال الصغيرة. كوب ماء في الصباح. خمس دقائق تنفس. كتابة ما تشعر به على ورقة. التنزه وحيدًا دون هدف. التوقف عن متابعة من يؤذيك على مواقع التواصل. هذه التفاصيل، وإن بدت تافهة، تصنع فرقًا. لأن العقل المنهك لا يُشفى بالثورة، بل باللطف… بالاستمرارية الهادئة.
أيضًا، خفف من أحكامك القاسية على نفسك. ليس لأنك ضعيف تشعر بما تشعر به، بل لأنك إنسان. لا تُطالب نفسك أن تكون قويًا كل يوم. فالقوة الحقيقية أحيانًا في أن تقول: “أنا محتاج أرتاح”، أو “أنا محتاج حد يسمعني”. لا تخف من أن تكون هشًا… فالهشاشة بداية الترميم.
وأخيرًا، لا تتردد في طلب المساعدة. العلاج الذاتي لا يتعارض مع طلب الدعم، بل يتكامل معه. أن تسير في طريقك لا يعني أن ترفض يدًا ممدودة. بل يعني أنك اخترت أن تبدأ… بطريقتك، وبسرعتك، ولكن أيضًا… بوعي أن الشفاء ليس عزلة، بل رفقة فيها نور.