القلق والاكتئاب بلغة بسيطة

لا شيء يُربك الإنسان مثل ما لا يستطيع أن يفهمه. والقلق والاكتئاب، رغم حضورهما الواسع في حياتنا اليومية، ما زالا يعيشان في الظل، يُحاطان بكثير من الغموض، وسوء الفهم، وأحيانًا… العار. لهذا، فإن أول خطوة نحو الشفاء ليست العلاج… بل الفهم. الفهم بلغتك، لا بلغة المصطلحات الطبية الجافة.

القلق ليس مجرد توتر عابر. هو شعور بأن هناك خطرًا دائمًا، حتى لو لم يكن هناك شيء واضح يُهددك. قلبك ينبض بسرعة، عقلك لا يتوقف عن التفكير، جسدك متشنج، وتجد نفسك منهكًا من أفكار لم تحدث بعد. القلق يجعلك تعيش في “ماذا لو؟”، ويمنعك من أن تعيش في “الآن”. هو سجن بأبواب مفتوحة، لكنك لا تعرف كيف تخرج منه.

أما الاكتئاب، فليس مجرد حزن. هو فقدان تدريجي للرغبة… في كل شيء. لا شيء يبدو ممتعًا. لا طعام، لا صحبة، لا أحلام. كأن الحياة فقدت لونها، وأنت بداخلها، تتنفس لكنك لا تعيش. كثيرون يظنون أن المكتئب يبكي طوال الوقت، لكن الحقيقة أن الصمت أحيانًا أصدق من الدموع. الاكتئاب هو ذلك الثقل الخفي الذي لا يُرى، لكنه يُسحبك للأسفل كل يوم.

أن تفهم القلق والاكتئاب لا يعني أن تُشخّص نفسك، بل أن تُصغي لنفسك. أن تُدرك أن ما تشعر به حقيقي، حتى لو لم يره الآخرون. أن تتوقف عن لوم نفسك، أو المقارنة بغيرك. لأن الألم النفسي لا يُقاس بمنطق “فيه من هو أسوأ”، بل يُفهم بمقدار تأثيره عليك.

ولأننا بشر، نحتاج أحيانًا لمن يُضيء لنا الطريق في العتمة. فلا تتردد في طلب المساعدة، أو في الحديث عن ما تشعر به. ليست كل معركة يجب أن تخوضها وحدك، وليست كل جملة تبدأ بـ”أنا بخير” تكون صادقة. أحيانًا، تبدأ أول خطوة نحو الشفاء بجملة بسيطة: “أنا مش okay”… وتلك، وحدها، كافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *