الحزن جزء من الحياة. يأتي ويرحل، يطرق الباب حين نفقد شيئًا أو نمر بخيبة، ثم يغادر حين نُعانق شيئًا جديدًا أو يمر الوقت. هو ضيف ثقيل، لكنه مؤقت. أما الاكتئاب… فشيء مختلف تمامًا. ليس زائرًا، بل مقيم. لا يأتي بسببٍ واضح، ولا يرحل بسهولة. ويكمن الفرق بينهما في العمق، في الاستمرار، وفي قدرة الإنسان على الشعور بالحياة رغم الألم.
الحزن يعني أنك تشعر. تبكي، تتألم، تتأثر. لكنه لا يمنعك من أن تضحك في لحظة صدق، أو أن تستمتع بفنجان قهوة، أو أن ترى الأمل ولو في غيمة. أما الاكتئاب، فهو انسحاب بطيء من كل ما يربطك بالحياة. تشعر بأن لا شيء يهم، لا شيء يُحرّك فيك أي رغبة. حتى البكاء، أحيانًا، لا يأتي.
الاكتئاب لا يحتاج إلى حدث ليبدأ. قد تستيقظ يومًا وتجد نفسك بلا طاقة، بلا رغبة، بلا مبرر. كأن الحياة فقدت معناها، وأنت تنظر إليها من خلف زجاج رمادي. تشارك في الحديث، لكنك غائب. تضحك، لكنك متعب. تنام كثيرًا أو لا تنام أبدًا، تأكل كثيرًا أو لا تأكل أبدًا… وكل شيء يبدو بلا نكهة.
الخطير أن الكثيرين يخلطون بين الحزن والاكتئاب، فيقلّلون من معاناة الآخر بعبارات مثل: “شدّ راسك”، أو “غير خرّج تغيّر الجو”. لكن الاكتئاب لا يُعالج بالخروج، ولا بالحماس اللحظي. هو حالة داخلية تحتاج فهمًا عميقًا، واحتواء، وأحيانًا تدخلًا علاجيًا.
أن تُفرّق بين الحزن والاكتئاب هو أول خطوة لفهم نفسك أو من تحب. لأن الاكتئاب لا يُحلّ بمرور الوقت فقط… بل بالاعتراف به، والاقتراب منه لا الهروب منه. ففي الاقتراب، يبدأ الشفاء.