في عالم يسير بسرعة الضوء، ونفوس مثقلة بالضغط والتوتر، ننسى أن في داخلنا أداة شفاء تُرافقنا منذ ولادتنا: التنفس. لا نتحدث هنا عن التنفس العادي الذي يُبقيك على قيد الحياة، بل عن “التنفس العميق” الذي يُعيدك إلى الحياة. هو أبسط مما تظن… وأعمق مما تتوقع.
حين تضطرب مشاعرك، يتسارع تنفسك. وحين تخاف، يُصبح سطحياً. الجسد يختزن القلق في أنفاسه، والعقل يتبع هذا الإيقاع المُرتبك. أما التنفس العميق، فهو الطريقة التي تخبر بها جسدك: “كل شيء بخير الآن”. حين تُدخل الهواء ببطء، وتُخرجه بروية، ترسل إشارة هادئة إلى جهازك العصبي بأن الخطر انتهى، بأنك لست في معركة، بأنك بأمان.
لكن الأمر لا يقف عند الشعور بالراحة. فالتنفس العميق المنتظم يُخفّف من ضربات القلب، يُقلّل من إفراز هرمونات التوتر، يُنظّم نومك، ويزيد من تركيزك. بل ويُساعد في تحرير مشاعر محتبسة لا نعلم أحيانًا أنها تسكننا. هو فعل جسدي بسيط… لكن أثره نفسي وروحي عميق.
تخصيص بضع دقائق يوميًا للتنفس العميق هو بمثابة جلسة علاج صغيرة لا تحتاج لطبيب ولا لدواء. اجلس في مكان هادئ، أغمض عينيك، خذ نفسًا من أنفك إلى أعماق بطنك… وازفره ببطء من فمك. كرّر. ولا تفعل شيئًا سوى أن تكون حاضرًا. ستندهش من الفرق.
في هذا الزمن الذي نبحث فيه عن الراحة في الخارج: في المشتريات، في الترفيه، في الهروب… يذكّرنا التنفس العميق أن بعض أعظم وسائل الشفاء… تسكن داخلنا. وكل ما تحتاجه أحيانًا هو أن تتوقّف، وتتنفّس… بوعي.