إشارات العلاقة السامة

ليست كل علاقة توجِع، علاقة عميقة. وليست كل مشاعر قوية، دليلًا على الحب. أحيانًا، نخلط بين الانجذاب وبين الإدمان العاطفي، بين التعلق وبين الحميمية، وبين الألم وبين العمق. العلاقة السامة لا تبدأ بانفجار، بل بتسلل. تبدأ بابتسامة مطمئنة، ثم كلمة صغيرة تُربكك، ثم موقف يجعلك تشك في نفسك، ثم دوّامة لا تعرف متى دخلتَها ولا كيف تخرج منها.

العلامات لا تظهر دائمًا بوضوح. قد تكون في شعور داخلي دائم بالتقصير، أو في خوف غير مبرر من رد فعل الطرف الآخر، أو في إدمان للتبرير والاعتذار، حتى حين لا يوجد خطأ. العلاقة السامة تضعفك ببطء، تُفقدك ثقتك بنفسك، تجعلك تحتاج إثبات قيمتك في كل مرة، وتزرع داخلك شكًا صامتًا في قدرتك على أن تُحب من دون ألم.

الطرف المؤذي لا يكون دائمًا شريرًا بوضوح، بل قد يظهر كضحية، كمن يحتاجك باستمرار، كمن لا يستطيع أن يعيش بدونك، لكنه في العمق يستخدم هذه الحاجة كسلاح للسيطرة. قد يغار عليك لدرجة الخنق، يحبك لدرجة العزل، ويهتم بك لدرجة أن تفقد إحساسك بذاتك.

لكن الإشارة الأقوى أن العلاقة تستهلكك أكثر مما تغذيك. أنك في كل لقاء تشعر بالإرهاق لا بالطمأنينة. أنك تشتاق أكثر لما كنت عليه قبل العلاقة، لا لما أصبحتَ فيه. أن السلام الذي كان جزءًا منك، لم يعد موجودًا.

الوعي هو أول طريق الخلاص. أن ترى ما لا تريد أن تراه، أن تعترف بأن الحب لا يجب أن يكون بهذه القسوة، أن تقول “لا” حتى حين يخيفك الرحيل. فالعلاقات ليست سجنًا باسم العاطفة، بل فضاء ننمو فيه ونشفى ونُصبح أفضل. وإن لم تكن العلاقة مصدرًا للنمو، فهي ليست حبًا… بل شيء آخر علينا أن نسميه باسمه: سُم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *